المدارس .. الخطر الوهم ـ بقلم الأستاذ حسين سهيل قرعوني

تعلو صرخات الأهالي في كل مرة يقرر فيها وزير التربية والتعليم العالي العودة للتعليم المُدمج ، حرصاً منه على العدالة بين التلاميذ ، وبعد أن أثبت التعلم عن بُعد فشله في جميع دول العالم وليس في لبنان فقط…

فما هو الهاجس الذي يواكب أهالي التلاميذ في العودة للتعليم الحضوري ، في وقت يلهو أبنائهم في المطاعم والمقاهي والأندية على مختلف أشكالها ؟!! وما الغاية من تأخير العودة للتعليم الحضوري ، رغم تحسُّن الأوضاع الصحية منذ أسابيع؟!!

يشهد لبنان تراجعًا كبيرًا في أعداد الإصابات بڤيروس كورونا منذ أسابيع عدة ، وهذا يعود لارتفاع أعداد الإصابات بشكل كبير في الأشهر المنصرمة ، وازدياد نسبة التلقيح ، حيث شهدت البلاد عودة جميع القطاعات لحياتها الطبيعية .. إلا القطاع التعليمي ما زال في سبات; عقيمًا وليس عميقًا !!!

تردد الوزارة وتخبط الرابطة

يظهر في خطط وزارة التربية أنها تعاني من تردد وصرامة في قراراتها ، وبالتالي تأخذ القرار وتذهب بنقيضه في اليوم التالي ، أما الروابط فإنها تريد حفظ ماء وجهها من جهة ومساندة الوزير من جهة أخرى.. فالروابط ربطت العودة للتعليم الحضوري باللقاح للقطاع التعليمي ، وأتت السياسة لتضع هذا الموضوع جانباً كون القطاع التعليمي لم يعد يحتمل المزيد من المضاربات. أما لناحية مساندة الوزير ، فهي تريد عدم كسر هيبة الوزير ذات الموقع الدستوري ، وتنفيذ ولو جزء بسيط من خطة وزارته بالعودة للتعليم المُدمج ، متناسية الشرط الذي قطعته على نفسها. وكل ذلك خير لمصلحة التلاميذ التعليمية التعلُّميّة…

خوف الأهالي .. ووهم التلاميذ

لا ننسى خوف الأهالي صاحب الخطر الوهم !! لماذا الوهم ؟!!

لو أننا نرى بالتلاميذ مرابطين في بيوتهم لكنا اقتنعنا من خوف الأهالي ، ولكن معظمهم، إن لم يكن جميعهم، يرابط في المطاعم والمقاهي وعلى شاطئ البحر وضفاف الأنهر وفي الأندية الرياضية والتعليمية والاجتماعية، فضلاً عن عمل معظمهم بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الخانقة…

وللتلاميذ حصة من الوهم بشأن العودة ، فمنهم من يراها ظلمًا ، ومنهم من يراها من دون فائدة ، ومنهم لا يسأل لا من قريب ولا من بعيد ، وهذا كله يدور في الوهم الذي ينخر عقول التلاميذ بسبب الأخبار المزيفة ، والمعلومات غير الدقيقة ، والمسؤولين بلا مسؤولية وغيرهم…

فيا ليت التلاميذ وأهاليهم يكونون الدرع الحصينة للقطاع التربوي ويشددون على ضرورة العودة وبقوة ، بدلاً من الرخاء في مقاهي الضياع والتمدد على خيطان الوهم ، لأنهم أصبحوا في دائرة الخطر. الوهم الذي يحيطهم من كل مكان بسبب الوهم والوهن من التعليم الحضوري بدل الخوف من الجائحة التي أوقفت نبض العالم بأكمله…

فالمطلوب اليوم تكاتف الأهل مع أبنائهم ، وتكاتف كليهما معنا كمعلمين ، ويجب في الوقت عينه أن نتحد كلنا مع وزير التربية والوزارة لتحقيق الهدف المنشود من التربية والتعليم.. و لولا الخطر الوهم لكنا قطعنا شوطاً كبيراً ، ولكن الوهم الذي يشكل خطرًا علينا ، هو من تحكّم بنا.. ليس إلا.

بناء على ما تقدم ، نرى بأن الأهالي غير موفقين بموقفهم الرافض للعودة للتعليم الحضوري ، لأنهم لا يستطيعون حبس أولادهم في البيت ، وبالتالي تبقى المدرسة المكان الآمن بل الأكثر أمناً من أي مكان ، لأن جميع القطاع التعليمي أثبت التزامه التام بالإجراءات المحلية ، والتي بدورها تراعي توصيات منظمة الصحة العالمية…

ويبقى السؤال: هل سيدرك الأهالي خطورة البقاء في المنزل واعتماد التعلم عن بُعد ، أم أنه سيعي معظمهم ضرورة العودة للتعليم الحضوري؟! وهل سيدركون معنى الخطر الوهم الذي يكبر يوماً بعد يوم ، والذي سيدمرنا جميعاً بحال الإصرار على التمسُّك به ؟!!

Leave A Reply